وَثَانِيهَا: أَنَّهُ مُجْمَلٌ، وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَعَلَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُثْبِتُ الْأَسَامِي الشَّرْعِيَّةَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُنْكِرٌ لَهَا.
وَثَالِثُهَا: وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ، التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَرِدَ مُثْبَتًا فَيُحْمَلُ عَلَى الشَّرْعِيِّ، كَقَوْلِهِ: (إنِّي إذَنْ صَائِمٌ) فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَّةُ نِيَّةِ النَّهَارِ، وَإِنْ وَرَدَ مَنْفِيًّا فَمُجْمَلٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَهُمَا كَالنَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَّةُ صَوْمِهِمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ. وَهَذَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ النَّهْيَ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ، ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَقُولُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ.
وَرَابِعُهَا: لَا إجْمَالَ أَيْضًا، وَالْمُرَادُ فِي الْإِثْبَاتِ الشَّرْعِيِّ، وَفِي النَّهْيِ اللُّغَوِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ لِتَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْعِيِّ، لِأَنَّ الشَّرْعِيَّ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ، وَالنَّهْيُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك» عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، مَعَ أَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ.
تَفْرِيعٌ: [إذَا تَعَذَّرَ الْحَمْلُ عَلَى الشَّرْعِيِّ]
إنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الشَّرْعِيِّ، فَلَوْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يُمْكِنْ الرَّدُّ إلَيْهِ إلَّا بِضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ. أَوْ يَكُونُ مُجْمَلًا، أَوْ يُرَدُّ إلَى الشَّرْعِيِّ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ الْإِجْمَالَ. قَالَ: وَلَمْ يَثْبُتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute