التَّكْرَارَ، فَلَا حَاجَةَ إلَى أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ الْإِطْلَاقِ. وَرُدَّ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ أَحَدُ الْمُقْتَضَيَاتِ لِلْإِطْلَاقِ فِي الْأَزْمَانِ وَغَيْرِهَا، فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا.
قُلْت: وَهَذَا مُسْتَمَدٌّ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ " حَيْثُ قَالَ: إنَّا نَقُولُ: أَمَّا كَوْنُ اللَّفْظِ الْعَامِّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ فَصَحِيحٌ؛ وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الِاسْتِدْلَالِ، فَيَلْزَمُ مِنْهَا عَوْدُ التَّخْصِيصِ إلَى صِيغَةِ الْعُمُومِ، وَيَبْقَى الْعُمُومُ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ عَامٌّ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِغْرَاقِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى صِيغَةِ الْعُمُومِ فِي الْأَشْخَاصِ وَاجِبٌ، فَالْعُمُومُ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِمُقْتَضَى الصِّيغَةِ الْعَامَّةِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ عُمُومُ اسْتِغْرَاقٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الْمُطْلَقَ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِهِ مَرَّةً، فَنَقُولُ: هَلْ يَكْتَفِي فِيهِ بِالْمَرَّةِ فِعْلًا أَوْ حَمْلًا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَمَمْنُوعٌ. وَبَيَانُهُ: أَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا فُعِلَ مُقْتَضَاهُ مَرَّةً وَوُجِدَتْ الصُّورَةُ الْجُزْئِيَّةُ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ الْكُلِّ كَفَى ذَلِكَ فِي الْعَمَلِ بِهِ، كَمَا إذَا قَالَ: اعْتِقْ رَقَبَةً، فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً لَا يَلْزَمُ إعْتَاقُهُ رَقَبَةً أُخْرَى، لِحُصُولِ الْوَفَاءِ بِمُقْتَضَى الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءِ اللَّفْظِ الْعُمُومَ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ مَرَّةً وَحَنِثَ، لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا ثَانِيَةً، لِوُجُودِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فِعْلًا مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءِ الْعُمُومِ. أَمَّا إذَا عَمِلَ بِهِ مَرَّةً حَمْلًا، أَيْ فِي أَيِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ الْمُطْلَقِ لَا يَلْزَمُ التَّقَيُّدُ بِهَا، وَلَا يَكُونُ وَفَاءً بِالْإِطْلَاقِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى تَقْيِيدِ الْإِطْلَاقِ بِالصُّورَةِ الْمُعَيَّنَةِ حَمْلًا أَنْ لَا يَحْصُلَ الِاكْتِفَاءُ بِغَيْرِهَا، وَذَلِكَ يُنَاقِضُ الْإِطْلَاقَ، وَمِثَالُهُ إذَا قَالَ: اعْتِقْ رَقَبَةً، فَإِنَّ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يَحْصُلَ الْإِجْزَاءُ بِكُلِّ مَا يُسَمَّى رَقَبَةً، لِوُجُودِ الْمُطْلَقِ فِي كُلِّ مَنْ يُعْتَقُ مِنْ الرِّقَابِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute