للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ إلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجَوِّزُ التَّكْلِيفَ بِالْمُحَالِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ جِهَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ مِنْ جِهَةٍ وَيُنْهَى عَنْهُ مِنْ جِهَةٍ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ؟ فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالُوا: يَصِحُّ. لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْجِهَاتِ يُوجِبُ التَّغَايُرَ، لِتَعَدُّدِ الصِّفَاتِ وَالْإِضَافَاتِ، وَذَلِكَ يَدْفَعُ التَّنَاقُضَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ مَأْمُورٌ بِهَا، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا فِي الْبُقْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَهُمَا مُتَعَلِّقَانِ مُتَغَايِرَانِ، وَجَعَلُوا اخْتِلَافَ، الْجِهَتَيْنِ كَاخْتِلَافِ الْمَحَلَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ مُنْفَكَّةٌ عَنْ الْأُخْرَى، وَاجْتِمَاعُهُمَا إنَّمَا وَقَعَ بِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ فَلَيْسَا مُتَلَازِمَيْنِ، فَلَا تَنَاقُضَ.

وَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو هَاشِمٍ الْجُبَّائِيَّانِ وَأَبُو شِمْرٍ الْحَنَفِيُّ، وَالزَّيْدِيَّةُ، وَالظَّاهِرِيَّةُ إلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُجْزِئَةٍ، وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَارِضِ الْمُعْتَزِلِيُّ فِي " النُّكَتِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>