عِنْدَ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي، وَوَجَدْنَا خَبَرَ وَاحِدٍ فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مُسْتَنَدَهُ أَمْ لَا؟ نَقَلَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ قَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَبَرُ مُسْتَنَدًا لِلْإِجْمَاعِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأُصُولِيُّونَ. اهـ. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَبَرُ مُتَوَاتِرًا فَهُوَ مُسْتَنَدُهُمْ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ بِمُوجَبِ النَّصِّ. قَالَ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي خَبَرِ الْآحَادِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَنْ يُعْلَمَ ظُهُورُهُ بَيْنَهُمْ وَالْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ لِأَجْلِهِ، أَوْ يُعْلَمَ ظُهُورُهُ بَيْنَهُمْ وَالْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُمْ عَمِلُوا لِأَجْلِهِ، أَوْ لَا يَكُونَ ظَاهِرًا، بَلْ عَمِلُوا بِمَا تَضَمَّنَهُ. فَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ، ثَالِثُهَا: إنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَهُوَ مُسْتَنَدَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ عَمِلُوا مِنْ أَجْلِهِ، وَهَلْ يَدُلُّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى مُوجَبِهِ عَلَى صِحَّتِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ إلْكِيَا: إذَا ظَهَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ نَصٌّ، كَانَ هُوَ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ، وَنَحْنُ إنَّمَا نَتَلَقَّى الْحُكْمَ مِنْ الْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ نَرَ مُسْتَنَدًا مَقْطُوعًا بِهِ، فَأَمَّا إذَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مُوجَبِ الْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ، فَهَلْ يَدُلُّ الْقَطْعِيُّ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَهُمْ كَانَ لِأَجْلِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ عَمِلُوا بِمَا عَمِلُوا، وَحَكَمُوا مُسْتَنِدِينَ إلَى الْخَبَرِ مُصَرِّحِينَ بِالْمُسْتَنَدِ، فَلَا شَكَّ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ، فَالشَّافِعِيُّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) يَقُولُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِهِ: إنَّ إجْمَاعَهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْخَبَرِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو هَاشِمٍ، وَزَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى الْقِرَاضِ، وَلَا خَبَرَ فِيهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْمُسَاقَاةِ، وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ الْإِجْمَاعُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute