للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِرَاضِ؛ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، دُونَ الْمُسَاقَاةِ. وَذَهَبَ غَيْرُهُمَا إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعُهُمْ لِأَجْلِ الِاجْتِهَادِ، أَوْ لِأَجْلِ خَبَرٍ آخَرَ لَمْ يُنْقَلْ، وَيَبْعُدُ كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ خَرْقًا لِلْعَادَةِ، وَهَذَا لَا دَافِعَ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا لِأَجْلِ خَبَرٍ، ثُمَّ لَا يُنْقَلُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَمْشِي إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إجْمَاعُهُمْ أَعْنِي نَقْلَ مَا لَهُ أَجْمَعُوا. اهـ. وَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، نَقَلَهُ فِي الْمَحْصُولِ " عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، وَخَالَفَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الظَّنِّ الْغَالِبِ، لَا أَنَّهُ عَنْهُ حَقِيقَةً. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ ": الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ لَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ يَنْعَقِدُ عَنْ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ. قُلْت: وَلَهَا نَظَائِرُ. مِنْهَا أَنَّ عَمَلَ الْعَالِمِ أَوْ فُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ لَا يَكُونُ حُكْمًا مِنْهُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ؛ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ احْتِيَاطًا أَوْ لِدَلِيلٍ آخَرَ وَافَقَ ذَلِكَ الْخَبَرَ، وَكَذَلِكَ مُخَالَفَتُهُ لِلْحَدِيثِ لَيْسَتْ قَدْحًا مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ، وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهَا. وَمِنْهَا الْإِجْمَاعُ عَلَى وَفْقِ خَبَرٍ لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَقَدْ سَبَقَتْ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا عَلَّلَ حُكْمَ الْأَصْلِ بِعِلَّةٍ مُنَاسِبَةٍ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْفَرْعَ، فَمَنَعَ الْخَصْمُ كَوْنَ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ هَذِهِ، وَقَالَ: الْعِلَّةُ غَيْرُهَا، لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ عِلَّةٍ، وَقَدْ وُجِدَتْ عِلَّةٌ مُنَاسِبَةٌ، فَلْيُضَفْ

<<  <  ج: ص:  >  >>