التَّكْلِيفُ بِهِ؟ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ: يَصِحُّ وَيَقَعُ، وَلِذَلِكَ يَعْلَمُ الْمُكَلَّفُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ شَرْطِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَقْتِ، وَلَوْلَا أَنَّ تَحَقُّقَ الشَّرْطِ فِي الْوَقْتِ لَيْسَ شَرْطًا فِي التَّكْلِيفِ لَمَا عُلِمَ قَبْلَ وَقْتِهِ، إذَا الْجَهْلُ بِالشَّرْطِ يُوجِبُ الْجَهْلَ بِالْمَشْرُوطِ.
وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: يُمْتَنَعُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقَالُوا: إنَّمَا يَصِحُّ الشَّرْطُ مِنَّا لِتَرَدُّدِنَا حَتَّى لَوْ عَلِمَ الْوَاحِدُ مِنَّا بِوَحْيٍ أَوْ إعْلَامِ نَبِيٍّ مَا يَكُونُ مِنْ حَالِ مُخَاطَبِهِ. لَا يَصِحُّ أَيْضًا تَقْيِيدُ الْخِطَابِ بِبَقَاءِ الْمُخَاطَبِ عَلَى صِفَةِ التَّكْلِيفِ، وَوَافَقَهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَالْحَقُّ: صِحَّتُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُحَالِ فِي شَيْءٍ وَيَجُوزُ مِنْ الْقَدِيمِ تَعَالَى أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ بِمَا عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ.
وَلَهُ فَوَائِدُ ثَلَاثَةٌ:
إحْدَاهَا: اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ، وَيَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِالِاعْتِقَادِ كَمَا يَجُوزُ بِالْفِعْلِ. الثَّانِيَةُ: الْعَزْمُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَهُ إنْ أَدْرَكَهُ الْوَقْتُ عَلَى صِفَةِ التَّكْلِيفِ، وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَيُثَابُ، أَوْ لَا يَعْزِمُ فَيُعَاقَبُ. الثَّالِثَةُ: جَوَازُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ مَصْلَحَةٌ وَلُطْفٌ، وَيَكُونُ فِيهِ فَائِدَةٌ مُصَحِّحَةٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا، وَهُوَ شَكُّ الْمُكَلَّفِ فِي بَقَائِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ وَقْتَ الْخِطَابِ لَا يَدْرِي هَلْ يَبْقَى إلَى وَقْتِ الْفِعْلِ أَوْ لَا؟ وَيَنْقَطِعُ هَذَا التَّكْلِيفُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ كَانْقِطَاعِ سَائِرِ التَّكَالِيفِ الْمُتَكَرِّرَةِ.
وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ اللَّهَ إذَا عَلِمَ أَنَّ زَيْدًا سَيَمُوتُ غَدًا، فَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِالصَّوْمِ غَدًا بِشَرْطِ أَنْ يَعِيشَ غَدًا أَمْ لَا؟ فَرَجَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute