قُلْت: وَلِهَذَا يَنْفَصِلُ الْجَوَابُ عَنْ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ، فَإِنَّ فِي اخْتِصَاصِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ مَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمَا.
وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ: ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ الْمَنْفِيَّ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَفْهُومِ وَهُوَ غَلَطٌ. فَإِذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ غَانِمًا، لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ سَالِمٍ، لَا لِأَجْلِ النَّصِّ عَلَى بَيْعِ غَانِمٍ، وَلَكِنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَالْحَجْرُ سَابِقٌ، وَالْإِذْنُ قَاصِرٌ، فَيَبْقَى الْحَجْرُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِذْنِ.
قُلْت: قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ هَذَا مِنْ زَيْدٍ، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ مِنْهُ. فَلَا يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ فِي تَخْصِيصِهِ، لِكَوْنِ مَالِهِ أَقْرَبَ إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِهِ. فَفِيهِ رَائِحَةُ التَّعْلِيلِ، فَلِهَذَا قُلْنَا بِهِ. وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ مَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْغَبَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ الْعَيْنُ الْفُلَانِيَّةُ مِنْ زَيْدٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَابَاةً صَحَّ، وَتَعَيَّنَتْ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَابَاةً فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ حِينَئِذٍ. وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْمُجْبِرِينَ: رَضِيت بِأَنْ أُزَوَّجَ مِنْ فُلَانٍ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ، فَلَوْ عَيَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحِدًا، فَهَلْ يَنْعَزِلُ الْآخَرُونَ؟ وَجْهَانِ، الصَّحِيحُ عَدَمُ الِانْعِزَالِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَبَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ هَلْ هُوَ حُجَّةٌ أَمْ لَا؟ وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ: عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ.
قَالَ: لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ جَحَدَ نُبُوَّتَهُ كَفَرَ. وَحَكَاهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ: وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافُهُ، وَفِي هَذَا نَفْيُ الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute