وَأَشَارَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " إلَى التَّوَقُّفِ، وَالرُّجُوعِ إلَى التَّرْجِيحِ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ الْخَبَرَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا جَرَيَا فِي مَجْلِسَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ جَرَى عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ وَاحِدًا لَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَتِهِمَا وَحِفْظِهِمَا أَلَّا تَخْتَلِفَ رِوَايَتُهُمَا، فَحَصَلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَقْوَالٌ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قِيلَ: إنْ احْتَمَلَ تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ الزِّيَادَةُ اتِّفَاقًا. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْقَضِيَّةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَلْفَاظٍ وَقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الِاتِّحَادِ، فَكَذَلِكَ إذَا رَجَحَتْ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إلَى رَاوٍ وَاحِدٍ مَعَ عَدَدِ الْمَرَاتِبِ فِي الرُّوَاةِ، وَإِنْ طَرَأَ التَّعَدُّدُ فَهَاهُنَا ضَعِيفٌ مَرْجُوحٌ، وَرُبَّمَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ، كَمَا فِي قَضِيَّتِهِ الْوَاهِيَةِ نَفْسِهَا، فَإِنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي أَلْفَاظٍ فِيهَا، فَالْقَوْلُ بِتَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ فِي الْوَاقِعَةِ هَاهُنَا مَعَ اتِّحَادِ السِّيَاقِ، وَتَوَافُقِ أَكْثَرِ الْأَلْفَاظِ، وَاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ لِلْحَدِيثِ بَعِيدٌ جِدًّا، فَالطَّرِيقُ الرُّجُوعُ إلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الرُّوَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute