للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ (مِنْهَا) وَهُوَ الْأَقْرَبُ، التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ فِي الدِّينِ، كَجَرَيَانِ الرَّبَّا فِي الْفُلُوسِ إذَا رَاجَتْ رَوَاجَ النُّقُودِ، وَبُطْلَانِ بَيْعِ الْعَيِّنَةِ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ اتَّخَذَهُ عَادَةً، وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّرْخِيصِ وَالتَّخْفِيفِ فَمُمْتَنِعٌ، وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ تَبَحُّرِ ذَلِكَ الْمُفْتِي أَوْ الْحَاكِمِ فِي الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا. وَحَيْثُ جَازَ فَلَا يُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ فَالْوَجْهُ أَوْلَى، وَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ نَصٌّ بِخِلَافِهَا أَوْلَى، وَلِهَذَا قَالَ الْقَفَّالُ فِي " فَتَاوِيهِ ": لَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تُفْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ فَقَالَ: عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ مَنْ يَسْأَلُنِي إنَّمَا يَسْأَلُنِي عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، لَا عَنْ مَذْهَبِي. انْتَهَى. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ، أَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَقَوِيَ عِنْدَهُ مَذْهَبُ غَيْرِ إمَامِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَقْلِيدُهُ، لَكِنَّ وُقُوعَ هَذَا نَادِرٌ، لِأَنَّ نَظَرَ الْأَئِمَّةِ، كَانَ نَظَرًا مُتَنَاسِبًا مُفَرَّعًا فِي كُلِّ مَذْهَبٍ عَلَى قَوَاعِدَ لَا تَنْخَرِمُ.

مَسْأَلَةٌ فِي تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: امْتِنَاعُهُ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَابْنِ شُرَيْحٍ، لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْمَفْضُولِ كَاعْتِقَادِ الْمُجْتَهِدِ الدَّلِيلَ الْمَرْجُوحَ مَعَ وُجُودِ الْأَرْجَحِ. الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّهَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، الْجَوَازُ لِإِجْمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>