للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلًا، وَقَالَتْ الْأُخْرَى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا قَوْلًا، ثُمَّ قَامَ دَلِيلٌ عَنْ نَصٍّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَحَدَيْهِمَا فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَهَلْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَاوُد وَابْنُهُ، فَصَارَ دَاوُد إلَى أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، وَمَنَعَهُ ابْنُهُ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْإِحْكَامِ. ثُمَّ قَالَ: وَيَقُولُ ابْنُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ دَاوُد لَكَانَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي قَامَ النَّصُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهَا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مُصِيبَةً فِي جَمِيعِ مَذَاهِبِهَا وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ. نَعَمْ إنْ صَحَّ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ يَقِينًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ، ثُمَّ قَامَ نَصٌّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِ مَا فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَقَدْ صَحَّ بِلَا شَكٍّ أَنَّ حُكْمَ الْأُخْرَى كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُمْ فِيهِمَا تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، بِخِلَافِ الثَّانِي. ثُمَّ مَثَّلَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُسَاقَاةِ. فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهَا جُمْلَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهَا جُمْلَةً، وَمِنْ مُبِيحٍ لَهَا فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ خَاصَّةً، وَمَانِعٍ لَهَا فِي سِوَاهُمَا، فَلَمَّا صَحَّ الْقَوْلُ بِإِبَاحَتِهَا، وَبَطَلَ إبْطَالُهَا، نَظَرْنَا فِي الْمُسَاقَاةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، فَوَجَدْنَا الْأُمَّةَ مُجْمِعَةً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النِّصْفِ كَحُكْمِهَا عَلَى جُزْءٍ مُسَمًّى، أَيِّ جُزْءٍ كَانَ، وَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ، النَّاسُ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ: الْإِبَاحَةِ وَالْحَظْرِ، فَلَمَّا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهَا، نَظَرْنَا فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ فَقَدْ أَجْمَلَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّصُّ بِإِبَاحَةِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ، وَصَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ عَلَى جُزْءٍ مُسَمًّى كَحُكْمِهَا عَلَى النِّصْفِ، صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مُسَمًّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>