للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرُ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى، فِي أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَدِينٍ فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى تَقْدِيرِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ بِمُدٍّ فَإِنَّهُ أَقَلُّ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا سَابِعُهَا - مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ أَمَارَاتِ النَّصِّ: كَاسْتِخْرَاجِ دَلَائِلِ الْقِبْلَةِ لِمَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ، مَعَ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] مَعَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ بِالْأَمَارَاتِ وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهَا مِنْ هُبُوطِ الرِّيَاحِ وَمَطَالِعِ النُّجُومِ. ثَامِنُهَا - مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ وَلَا أَصْلَ قَالَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِأَصْلٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الشَّرْعِ إلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَلِهَذَا كَانَ يُنْكِرُ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْسَانِ، لِأَنَّهُ تَغْلِيبُ ظَنٍّ بِغَيْرِ أَصْلٍ. وَ (الثَّانِي) : يَصِحُّ الِاجْتِهَادُ بِهِ، لِأَنَّهُ فِي الشَّرْعِ أَصْلٌ، فَجَازَ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْ أَصْلٍ. وَقَدْ اجْتَهَدَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى مَا دُونَ الْحَدِّ بِآرَائِهِمْ فِي أَصْلِهِ مِنْ ضَرْبٍ وَحَبْسٍ. وَفِي تَقْدِيرِهِ بِعَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي حَالٍ، وَبِعِشْرِينَ فِي حَالٍ. وَلَيْسَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَقَادِيرِ أَصْلٌ مَشْرُوعٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاجْتِهَادَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ يُسْتَعْمَلُ مَعَ عَدَمِ الْقِيَاسِ. .

مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ " فَسَادِ التَّقْلِيدِ ": إذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ وَادَّعَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ بِأَنَّ قَوْلَهَا نَظَرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجَبَ الِاقْتِدَاءُ بِالصَّحَابَةِ وَطَلَبُهُمْ الْحَقَّ بِالشُّورَى الْمَوْرُوثَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] فَيُحْضِرُ الْإِمَامُ أَهْلَ زَمَانِهِ فَيُنَاظِرُهُمْ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>