مَا اُشْتُهِرَ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ، وَكَأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالِاشْتِهَارِ مَعَ التَّسْلِيمِ، وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ فُورَكٍ فِي صَدْرِ كِتَابِهِ: مُشْكِلِ الْحَدِيثِ " إلَى هَذَا أَيْضًا.
وَمَثَّلَهُ بِخَبَرِ: «فِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ، وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» . وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ ": الْمُسْتَفِيضُ: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ رُتْبَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ الشَّائِعُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ صَدَرَ عَنْ أَصْلٍ لِيُخْرِجَ الشَّائِعَ لَا عَنْ أَصْلٍ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي " وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " تَقْسِيمًا غَرْبِيًّا جَعَلَا فِيهِ الْمُسْتَفِيضَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الْمُتَوَاتِرِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ. فَقَالَا: الْخَبَرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ. أَحَدُهَا: الِاسْتِفَاضَةُ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَشِرَ مِنْ ابْتِدَائِهِ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَيَتَحَقَّقُهُ الْعَالِمُ وَالْجَاهِلُ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَلَا يَشُكُّ فِيهِ سَامِعٌ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ، وَعَنَيَا بِذَلِكَ اسْتِوَاءَ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ. قَالَا: وَهَذَا أَقْوَى الْأَخْبَارِ وَأَثْبَتُهَا حُكْمًا. وَالثَّانِي: التَّوَاتُرُ: وَهُوَ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ حَتَّى يَكْثُرَ عَدَدُهُمْ، وَيَبْلُغُوا قَدْرًا يَنْتَفِي عَنْ مِثْلِهِمْ التَّوَاطُؤُ وَالْغَلَطُ فَيَكُونُ فِي أَوَّلِهِ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَفِي آخِرِهِ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِفَاضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَاتِّفَاقِهِمَا فِي الِانْتِهَاءِ. الثَّانِي: أَنَّ خَبَرَ الِاسْتِفَاضَةِ لَا تُرَاعَى فِيهِ عَدَالَةُ الْمُخْبِرِ، وَفِي الْمُتَوَاتِرِ يُرَاعَى ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute