للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْهَبُهُ، وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي بَابِ عِدَّةِ الْكَلِمِ: وَأَمَّا " إلَى " فَمُنْتَهَى الِابْتِدَاءِ تَقُولُ: مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى كَذَا، وَكَذَلِكَ " حَتَّى " وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي بَابِهَا بِمَعْنَى " حَتَّى " وَلَهَا فِي الْفِعْلِ حَالٌ لَيْسَ لِ " إلَى " تَقُولُ لِلرَّجُلِ: إنَّمَا أَنَا إلَيْك أَيْ: إنَّمَا أَنْتَ مَطْلُوبِي وَغَايَتِي، وَلَا تَكُونُ " حَتَّى " هُنَا فَهَذَا أَمْرُ " إلَى " وَأَصْلُهَا وَإِنْ اتَّسَعَتْ، وَهِيَ أَعَمُّ فِي الْكَلَامِ مِنْ " حَتَّى " تَقُولَ: قُمْت إلَيْهِ بِجَعْلِهِ مُنْتَهَاك مِنْ مَكَانِك وَلَا تَقُولُ: حَتَّاهُ. انْتَهَى.

وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَإِنْ اتَّسَعَ فِيهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْغَايَةُ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَلَا تُخْرِجُهُ، بَلْ إنْ كَانَ صَدْرُ الْكَلَامِ مُتَنَاوَلًا قَبْلَ دُخُولِ حَرْفِ الْغَايَةِ يَكُونُ دَاخِلًا وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ: وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ دُخُولِهِ فِي الْمَحْدُودِ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ مَعْنَى " إلَى " وَإِنَّمَا فَائِدَةُ " إلَى " التَّنْبِيهُ عَنْ أَنَّهَا مَا اُبْتُدِئَ بِهِ فَبِمِنْ، وَأَمَّا دُخُولُ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ فِيهِ وَعَدَمُهُ فَبِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ. وَقَالَ بَعْضُ النُّحَاةِ: لَا تُفِيدُ إلَّا انْتِهَاءَ الْغَايَةِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الدَّلِيلِ. وَتَحْقِيقُهُ: أَنَّ " إلَى " لِلنِّهَايَةِ فَجَازَ أَنْ يَقَعَ عَلَى أَوَّلِ الْحَدِّ وَأَنْ يَتَوَغَّلَ فِي الْمَكَانِ لَكِنْ تَمْتَنِعُ الْمُجَاوَزَةُ؛ لِأَنَّ النِّهَايَةَ غَايَةٌ، وَمَا كَانَ بَعْدَهُ شَيْءٌ لَمْ يُسَمَّ غَايَةً. قُلْت: وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ " حَيْثُ قَالَ: وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْكَعْبَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ مِمَّا يُغْسَلُ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا حَدَّيْنِ لِلْغَسْلِ، وَأَنْ يَكُونَا دَاخِلَيْنِ فِي الْغَسْلِ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَيْلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>