وَكَذَلِكَ الْمَصْدَرُ الْمَجْعُولُ جَزَاءَ الشَّرْطِ بِحَرْفِ الْفَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] أَيْ: فَحَرِّرُوا، وَقَوْلُهُ: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: ٤] أَيْ: فَاضْرِبُوا الرِّقَابَ، وَقَوْلُهُ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: فَافْدُوا، وَقَوْلُهُ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ: صُومُوا.
قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي أَوَّلِ بَابِ الرَّهْنِ مِنْ تَعْلِيقِهِ ". وَإِنَّمَا خَصَّ الْأُصُولِيُّونَ " افْعَلْ " بِالذِّكْرِ لِكَثْرَةِ دَوَرَانِهِ فِي الْكَلَامِ. وَتَرِدُ صِيغَةُ " افْعَلْ " لِنَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ مَعْنًى: أَحَدُهَا: الْإِيجَابُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] . الثَّانِي: كَقَوْلِهِ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَمَثَّلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ فِي كِتَابِ " تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ " بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: ٤٠] وَمَثَّلَهُ ابْنُ فَارِسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠] وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ إلَى أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا قُلْنَا: الْمَنْدُوبُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. الثَّالِثُ: الْإِرْشَادُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] وَسَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ": الرُّشْدَ.
وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ «سَافِرُوا تَصِحُّوا» وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ، فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute