بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: ٢٩] وَقَوْلِهِ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [إبراهيم: ٣٠] . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: التَّهْدِيدُ أَبْلَغُ مِنْ الْوَعِيدِ، وَمَثَّلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ التَّهْدِيدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٥] وَقَوْلِهِ لِإِبْلِيسَ: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ} [الإسراء: ٦٤] وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصْ الْخَنَازِيرَ» قَالَ وَكِيعٌ: مَعْنَاهُ يَعَضُّهَا.
الثَّامِنُ: الِامْتِنَانُ كَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ٥٧] وَسَمَّاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْإِنْعَامَ. وَهُوَ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ تَذْكِيرُ النِّعْمَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبَاحَةِ أَنَّ الْإِبَاحَةَ مُجَرَّدُ إذْنٍ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِ الِامْتِنَانِ بِذِكْرِ احْتِيَاجِ الْخَلْقِ إلَيْهِ، وَعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالتَّعَرُّضِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي رَزَقَهُ. التَّاسِعُ: الْإِنْذَارُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ تَمَتَّعُوا} [إبراهيم: ٣٠] {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} [الحجر: ٣] وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّهْدِيدِ مِنْ وِجْهَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْإِنْذَارُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْرُونًا بِالْوَعِيدِ كَالْآيَةِ، وَالتَّهْدِيدُ لَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَقْرُونًا بِهِ وَقَدْ لَا يَكُونُ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْفِعْلَ الْمُهَدَّدَ عَلَيْهِ يَكُونُ ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمَ وَالْبُطْلَانَ، وَفِي الْإِنْذَارِ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute