للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَوْله تَعَالَى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق: ١٧] وَقَوْلِهِ: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} [الزخرف: ٨٣] ذَكَرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ الْقَفَّالُ. الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: الْخَبَرُ {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: ٨٢] الْمَعْنَى أَنَّهُمْ سَيَضْحَكُونَ وَيَبْكُونَ. وَمَثَّلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٩] أَيْ: أُذِنْتُمْ بِحَرْبٍ. أَيْ: كُنْتُمْ أَهْلَ حَرْبٍ، وَمِنْهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ: «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» . أَيْ: صَنَعْت مَا شِئْت، وَعَكْسُهُ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] الْمَعْنَى لِتُرْضِعْنَ الْوَالِدَاتُ أَوْلَادَهُنَّ. وَهَكَذَا أَبْلَغُ مِنْ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ النَّاطِقَ بِالْخَبَرِ مُرِيدًا بِهِ الْأَمْرَ كَأَنَّهُ نَزَّلَ الْمَأْمُورَ بِهِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ.

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: التَّحْكِيمُ وَالتَّفْوِيضُ، كَقَوْلِهِ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: ٧٢] ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَسَمَّاهُ ابْنُ فَارِسٍ وَالْعَبَّادِيُّ: التَّسْلِيمَ، وَسَمَّاهُ ابْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ: الِاسْتِبْسَالَ. قَالَ: أَعْلَمُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ اسْتَعَدُّوا لَهُ بِالصَّبْرِ وَأَنَّهُمْ غَيْرُ تَارِكِينَ لِدِينِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَقِلُّونَ بِمَا هُوَ فَاعِلٌ فِي جَنْبِ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ نُوحٍ: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [يونس: ٧١] أَخْبَرَهُمْ بِهَوَانِهِمْ عَلَيْهِ. الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: التَّعَجُّبُ، ذَكَرَهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: ٥٠] وَجَعَلَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ مِنْ قِسْمِ التَّعْجِيزِ. وَنَقَلَ الْعَبَّادِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ وُرُودَ التَّعَجُّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>