أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَدُلُّ بِذَاتِهِ لَا عَلَى التَّكْرَارِ وَلَا عَلَى الْمَرَّةِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ طَلَبَ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إشْعَارٍ بِالْوَحْدَةِ وَالْكَثْرَةِ ثُمَّ لَا يُمْكِنُ إدْخَالُ الْمَاهِيَّةِ فِي الْوُجُودِ بِأَقَلَّ مِنْ مَرَّةٍ، فَصَارَتْ الْمَرَّةُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا بِذَاتِهِ بَلْ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ ": إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ رَأْي الْقَاضِي عَلَى تَوَلُّعِهِ بِالْوَقْفِ فِي أَصْلِ صِيغَةِ الْأَمْرِ وَالْعُمُومِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالْآمِدِيَّ وَأَتْبَاعُهُمَا، وَنَقَلَهُ فِي الْمُعْتَمَدِ " عَنْ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ صَاحِبُ اللُّبَابِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْبَاجِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ خِلَافًا عَنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحْتَمِلُهُ أَصْلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَحْتَمِلُهُ. قَالَ: وَهُوَ الْأَوْلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي الْبُرْهَانِ " فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْمَرَّةِ مُتَوَقِّفٌ لَا نَنْفِيهِ وَلَا نُثْبِتُهُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ: الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَلَا يَحْتَمِلُهُ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ كُلَّ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَيَقْتَضِيهِ، غَيْرَ أَنَّ الْكُلَّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَعَلَيْهِ دَلَّتْ مَسَائِلُ عُلَمَائِنَا، وَكَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِلتَّكْرَارِ الْمُسْتَوْعِبِ لِزَمَانِ الْعُمُرِ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى النَّهْيِ إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَبِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيِّ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute