وَالْأُصُولِيِّينَ، وَرُبَّمَا نُسِبَ لِلشَّافِعِيِّ. قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ: إنَّهَا تَطْلُقُ بِكُلِّ دَخْلَةٍ، وَلَوْ قَالَ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى فِعْلِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَفَرَّقَ بَيْنَ " إذَا " وَ " كُلَّمَا " وَهَذَا مَوْضِعُ اللِّسَانِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إحْدَاهُمَا لِلتَّكْرَارِ، وَالْأُخْرَى لَا تَقْتَضِيهِ، وَاخْتَارَ هَذَا الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَقْتَضِيَهُ كَالنَّهْيِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ: لِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦] وَكُلُّ مَنْ قَامَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ.
قَالَ: فَلَمَّا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّلَوَاتِ وُضُوءًا وَاحِدًا دَلَّنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، وَبَقِيَ فِي التَّيَمُّمِ فِي الظَّاهِرِ، وَلِأَنَّهُ يَقُولُ بِالْعُمُومِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ. قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ خَرَّجَهَا عَلَى وَجْهَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ، وَالْأَظْهَرُ عَلَى الْمَذَاهِبِ: التَّكْرَارُ. انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ كَمَا رَأَيْته فِي كِتَابِهِ فَاعْلَمْهُ. وَحَكَى هَذَا الِاسْتِدْلَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَرَدَّهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute