للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهُهُ أَنَّ صِيغَةَ التَّأْقِيتِ تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْوَقْتِ فِي الِاعْتِدَادِ بِالْمُؤَقَّتِ، فَإِذَا انْقَضَى الْوَقْتُ فَلَيْسَ فِي الْأَمْرِ بِالْأَدَاءِ أَمْرٌ بِالْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ ثَانٍ، وَلِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَتْبَعُ مُقْتَضَى الْأَمْرِ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الصِّيغَةُ، وَالصِّيغَةُ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى الْأَمْرِ فِي الْوَقْتِ الْمَخْصُوصِ فَدَلَالَتُهَا عَلَى الْفِعْلِ فِي غَيْرِهِ قَاصِرَةٌ عَنْهُ، وَمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ فِيهِ فَبِدَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَأَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى الثَّانِي مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَالْجَصَّاصُ وَالرَّازِيَّ وَغَيْرُهُمْ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ، وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ عَنْ الْحَنَابِلَةِ، وَحَكَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الْكَشَفِ " عَنْ عَامَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.

قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ قَالَ: فِيمَا إذَا ظَاهَرَ عَنْهُمَا ظِهَارًا مُؤَقَّتًا: إنَّ الْعَوْدَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ قَالَ: وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَاسْتَقَرَّتْ لَا لِأَجْلِ اسْتِحْلَالٍ لِلْوَطْءِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْعَوْدِ أَوْ لَاعَنَهَا فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ عَلَى الْأَبَدِ وَلَزِمَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ فَقُتِلَتْ عَلَى الرِّدَّةِ، وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] وَقْتٌ لَأَنْ يُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْمُمَاسَّةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْمُمَاسَّةُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ فَذَهَبَ الْوَقْتُ لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِيهَا، كَمَا يُقَالُ: لَهُ أَدِّ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ كَذَا، وَقَبْلَ وَقْتِ كَذَا، فَيَذْهَبُ الْوَقْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>