للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَبَادَرَ إلَى الطَّاعَةِ. قَائِلًا: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قَوْلِهِ لِلنَّاسِ: افْعَلُوا كَذَا، وَقَوْلِهِ لِنَبِيِّهِ: مُرْهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا؟ . وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَاجِعَهَا» ، فَفِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ الْأَمْرُ لَهُ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» دَالًّا عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَا كَانَ مَرْوِيًّا فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَكُونُ مُخْتَلِفًا حِينَئِذٍ، وَكَلَامُ سُلَيْمٍ الرَّازِيَّ فِي التَّقْرِيبِ " يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الثَّانِي الْفِعْلُ جَزْمًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَسْمِيَتِهِ أَمْرًا أَمْ لَا، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَأْمُرَ أُمَّتَهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَجِبُ فِعْلُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَهَكَذَا إذَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاحِدَ مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِشَيْءٍ كَانَ دَالًّا عَلَى وُجُوبِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ وُرُودِ الْأَمْرِ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ. انْتَهَى.

وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمُنْتَهَى " مَوْضِعَ الْخِلَافِ نَحْوَ مُرْ فُلَانًا بِكَذَا. أَمَّا لَوْ قَالَ: قُلْ لِفُلَانٍ: افْعَلْ كَذَا، فَالْأَوَّلُ آمِرٌ، وَالثَّانِي مُبَلِّغٌ قَطْعًا، وَمِثْلُهُ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: الْخِلَافُ فِي أَمْرِ الِاسْتِصْلَاحِ نَحْوُ «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ» فَأَمَّا مَا أُرِيدَ بِهِ التَّبْلِيغُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الثَّالِثَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>