ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ " وَنَصَّ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ، وَكَذَا نَصَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَقَالَ: الْقَوْلُ بِالدُّخُولِ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، وَقَطَعَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ: قَالَ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَأْمُورَ غَيْرُهُ. وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيرِ النِّزَاعِ فَنَقُولُ: لَهُ حَالَاتٌ: إحْدَاهَا: أَنْ يَقُولَ لِنَفْسِهِ: " افْعَلِي " مُرِيدًا ذَلِكَ الْفِعْلَ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ وَهَلْ يُسَمَّى حَسَنًا أَمْ لَا؟ قَالَ الْهِنْدِيُّ: الْحَقُّ: الْمَنْعُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَهَلْ يُسَمَّى أَمْرًا؟ إنْ شَرَطْنَا الْعُلُوَّ أَوْ الِاسْتِعْلَاءَ امْتَنَعَ، وَإِنْ لَمْ نَشْرِطْهُ، فَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ مُعْتَبَرَةٌ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هَاهُنَا، فَإِنْ لَمْ نَعْتَبِرْهَا سُمِّيَ بِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ بِهِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فَلَا يَدْخُلُ الْآمِرُ تَحْتَهُ قَطْعًا سَوَاءٌ أَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَخْبَرَ بِالْأَمْرِ عَنْ غَيْرِهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُتَنَاوِلٍ لَهُ فَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ بِأَمْرٍ الْغَيْرِ. قَالَ الْهِنْدِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي دُخُولِهِ تَحْتَ الْأَمْرِ كَمَا إذَا تَلَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ " أَوْ " يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ افْعَلُوا كَذَا " فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى دُخُولِهِ نَظَرًا إلَى عُمُومِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ كَوْنَهُ أَمْرًا لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لَهُ، وَلِهَذَا دَخَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي كَثِيرٍ مِنْ أَوَامِرِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ دَلِيلٍ آخَرَ. كَذَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْعُمُومِ، لَكِنَّ الْأَكْثَرِينَ - وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْوَاضِحِ " الْمُعْتَزِلِيُّ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْآمِرَ لَا يَدْخُلُ فِي الْأَمْرِ إذَا أَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ بِالْأَمْرِ عَنْ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute