وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَنَا: النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ بَحْثٌ فِي الْمُتَعَلِّقَاتِ - بِكَسْرِ اللَّامِ - فَإِنَّ النَّهْيَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالْأَمْرُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَأْمُورِ، وَقَوْلُنَا: الْمَطْلُوبُ فِي النَّهْيِ فِعْلُ الضِّدِّ بَحْثٌ فِي الْمُتَعَلَّقَاتِ - بِفَتْحِ اللَّامِ -. وَرُدَّ بِأَنَّهُمَا وَإِنْ تَغَايَرَا لَكِنَّهُ تَغَايُرٌ صُورِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ تَدَاخُلِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى. الثَّانِي: أَنَّ الْبَحْثَ فِي تِلْكَ مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ أَيْ: أَنَّهُ مَنْ نَهَى عَنْ الشَّيْءِ مُطَابَقَةً دَلَّ عَلَى طَلَبِ ضِدِّهِ الْتِزَامًا، وَالْبَحْثُ فِي هَذِهِ مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ فَمَا مَدْلُولُهُمَا الْمُطَابِقُ هَلْ هُوَ الْعَدَمُ أَوْ ضِدُّهُ؟ . قِيلَ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الِالْتِزَامِ لَا الْمُطَابَقَةِ عَلَى مَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ. وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ قَوْلَهُمْ: الْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ فِعْلُ الضِّدِّ مُرَادُهُمْ بِهِ الضِّدُّ الْعَامُّ، وَهُوَ الِانْتِهَاءُ الْحَاصِلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَضْدَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ قَدْ بَيَّنُوا أَنَّهُ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ مُرَادٌ بِهِ الضِّدُّ الْخَاصُّ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَضْدَادِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الِانْتِهَاءُ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَرَادُوا الضِّدَّ الْعَامَّ لَزِمَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لَكِنْ لَا يَكُونُ تَكْرَارًا بَلْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ مَعْرِفَةِ إحْدَاهُمَا حُكْمُ الْأُخْرَى فَلَا يَضُرُّ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ السُّؤَالُ لَوْ كَانُوا وَضَعُوا مَسْأَلَةَ " النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ " أَوْ لَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْمَحْصُولِ " بَلْ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَتَكَلَّمَ غَيْرُهُ فِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ هَلْ هُوَ أَمْرٌ بِضِدِّهِ؟ التَّنْبِيهُ الثَّانِي: عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فَرْضُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ ضِدٌّ وُجُودِيٌّ يُفْهَمُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُنْهَى عَنْ شَيْءٍ لَا يُفْهَمُ غَيْرُ تَرْكِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute