للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْمَدَ. قُلْت: هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَدَاوُد وَعُزِيَ إلَى أَبِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِ، وَسَوَّى أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّقْوِيمِ " بَيْنَ هَذَا الْقِسْمِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ، فَقَالَ: فِيهِمَا دَلِيلَانِ عَلَى كَوْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ؛ لِأَنَّ الْقُبْحَ ثَابِتٌ فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَمْ يُوجِبْ رَفْعَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِسَبَبِ الْقُبْحِ فِي غَيْرِهِ، هَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا. انْتَهَى.

وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُفِيدُ الْفَسَادَ شَرْعًا، كَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِعَيْنِهِ. الثَّانِي: لَا يُفِيدُهُ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِلْأَكْثَرَيْنِ. وَثَالِثُهَا: وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لَا فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهُوَ الْأَصْلُ لِكَوْنِهِ مَشْرُوعًا بِدُونِ الْوَصْفِ، وَبَنَوْا عَلَى هَذَا مَا لَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ طَرَحَا الزِّيَادَةَ، أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالنَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ لِوَصْفِهِ يُضَادُّ وُجُوبَ أَصْلِهِ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: أَرَادَ أَنَّهُ يُضَادُّهُ ظَاهِرُهُ لَا قَطْعًا، وَإِلَّا لَوَرَدَ عَلَيْهِ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ، كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ، وَالْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ إذَا كَانَ يُضَادُّ الْوُجُوبَ، الْأَصْلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ يُضَادُّ ظَاهِرًا فَقَدْ تَرَكَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعَ الظَّاهِرَ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا يَقْتَضِي اخْتِيَارَ ذَلِكَ أَعْنِي أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>