للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصَاعِدًا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: " فَصَاعِدًا " عَنْ لَفْظِ " التَّثْنِيَةِ "، وَأَرَادَ " بِالْوَاحِدِ " مُقَابِلَ الْمُرَكَّبِ حَتَّى يَشْمَلَ الِاثْنَيْنِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي " الْمُسْتَصْفَى " أَنَّ قَوْلَهُ: " وَاحِدٌ وَمِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ " فَصْلٌ وَاحِدٌ، وَاحْتِرَازٌ بِهِ عَنْ قَوْلِهِمْ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ، وَلَكِنْ بِلَفْظَيْنِ لَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَمِنْ جِهَتَيْنِ لَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَرَادَ بِالْجِهَتَيْنِ: الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ. وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ دَلَالَةَ: " ضَرَبَ " عَلَيْهِمَا فَبَاطِلٌ، لِأَنَّهَا الْتِزَامِيَّةٌ، وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى مَعْنَاهُ بِالْمُطَابَقَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ دَلَالَتَهَا عَلَى ذَاتِهِمَا فَكَذَلِكَ، لِخُرُوجِهِ عَنْهُ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَعْهُودٍ وَنَكِرَةٍ، وَقَدْ نَلْتَزِمُهُ فَنَقُولُ: إنَّهُمَا عَامَّانِ لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، أَمَّا أَوَّلًا: فَلَا نُسَلِّمُ دُخُولَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّهُ اخْتَارَ فِي " الْمُسْتَصْفَى " أَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ لَيْسَ بِعَامٍّ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ، وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ: اشْتَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْعُمُومَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ عُمُومٌ، وَمَا دُونَهُ عُمُومٌ، وَأَقَلُّ الْعُمُومِ اثْنَانِ، وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَعُمَّ الشَّيْءُ نَفْسَهُ كَانَ مَا زَادَ عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ بِهِ اسْمَ الْعُمُومِ، قَلَّ أَمْ كَثُرَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ، مِنْ الْوَاقِفِيَّةِ: إنَّا نَقُولُ، بِالْعُمُومِ، لَا نَقُولُ بِالِاسْتِيعَابِ، وَهُوَ الْخُصُوصُ فِي عِبَارَةِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ يَحْمِلُ الْخِطَابَ عَلَى ثَلَاثَةٍ: إنَّهُمْ أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>