للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا فِي الْمَعَانِي فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَامًّا حَقِيقَةً، وَإِذَا أُضِيفَ الْعُمُومُ إلَى مَعْنًى كَقَوْلِنَا: هَذَا حُكْمٌ عَامٌّ أَوْ قَضِيَّةٌ أَوْ حَدِيثٌ عَامٌّ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِطْلَاقِ الْمَجَازِيِّ، أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْنَى بِحَقِّ الْأَصْلِ أَنْ يُوصَفَ بِالْعُمُومِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الِاسْتِعَارَةِ: إمَّا مِنْ اللَّفْظِ، أَوْ نَظَرٍ إلَى شُمُولِ مَجْمُوعِ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِمَجْمُوعِ مَحَالِّهِ، وَكَذَا إطْلَاقُ الْعُمُومِ فِي الْعِلَّةِ وَالْمَفْهُومِ وَنَحْوِهِمَا، فَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا الْعُمُومَ لَا يُنَاقِضُ اخْتِيَارَهُ هُنَا أَنَّ الْمَعْنَى لَا يُسَمَّى عَامًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ.

وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْأَلْفَاظِ، لِأَنَّا إذَا قُلْنَا: مُسْلِمُونَ أَوْ الْمُسْلِمُونَ، عَادَ الِاسْتِغْرَاقُ إلَى الصِّيغَةِ، فَإِنَّ الصِّيغَةَ الْمُتَّحِدَةَ هِيَ الْمُتَنَاوِلَةُ لِلْكُلِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: يُمْكِنُ دَعْوَى الْعُمُومِ فِي الْمَعَانِي، تَقُولُ الْعَرَبُ: عَمَّهُمْ الْخَصْبُ وَالرَّجَاءُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ، فَإِنَّ الْمَعَانِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُتَعَدِّدَةٌ، فَإِنَّ مَا خَصَّ هَذِهِ الْبُقْعَةَ غَيْرُ مَا خَصَّ الْأُخْرَى. وَقَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ ": الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى الْأَلْفَاظِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ لَا يَشْمَلُ الْكُلَّ، فَإِنَّ اللَّذَّةَ الَّتِي حَصَلَتْ لِزَيْدٍ غَيْرُ الَّتِي حَصَلَتْ لِعَمْرٍو.

<<  <  ج: ص:  >  >>