للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا خِلَافُ طَرِيقَةِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ، فَإِنَّهُ حُكِيَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعَانِي أَيْضًا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَمَّمَ الْحَقِيقَةَ فِي الْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ وَالْخَارِجِيِّ، وَلِذَلِكَ مَثَّلَ بِعُمُومِ الْمَطَرِ وَالْخِصْبِ. ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ.

وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: الْحَقُّ هُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَعَانِي الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ، وَبَيْنَ الْمَعَانِي الْكُلِّيَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْأَذْهَانِ، فَإِنْ عَنَوْا بِقَوْلِهِمْ الْمَعَانِيَ غَيْرَ مَوْصُوفَةٍ بِالْعُمُومِ، الْمَعَانِيَ الْمَوْجُودَةَ خَارِجَ، فَهُوَ حَقٌّ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَهُ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُتَخَصِّصًا بِمَحَلٍّ دُونَ مَحَلٍّ وَحَالٍ مَخْصُوصٍ، وَمُتَخَصِّصًا بِعَوَارِضَ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ شَامِلًا لِأُمُورٍ عَدِيدَةٍ.

وَإِنْ عَنَوْا بِهِ مُطْلَقَ الْمَعَانِي - سَوَاءٌ كَانَتْ ذِهْنِيَّةً أَوْ خَارِجِيَّةً - فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْمَعَانِيَ الْكُلِّيَّةَ الذِّهْنِيَّةَ عَامَّةٌ بِمَعْنَى أَنَّهَا مَعْنًى وَاحِدٌ مُتَنَاوِلٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ.

قَالَ: وَلَا يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي اللَّفْظِ، إذْ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ وُجُودِهِ بِاللِّسَانِيِّ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى مُسَمَّيَاتِهِ. انْتَهَى.

وَقَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ: إنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي الْإِطْلَاقِ اللُّغَوِيِّ فَأَمْرُهُ سَهْلٌ، أَيْ وَيَصِيرُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي وَاحِدٍ مُتَعَلِّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ فَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَعَانِي الذِّهْنِيَّةِ، وَالْأُصُولِيُّونَ يُنْكِرُونَ وُجُودَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>