كَالْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ وَنَحْوِهِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَعُمُّ جَمِيعَ مَا يَصْلُحُ لَهُ اللَّفْظُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ، كَالْحُلُولِ وَالسَّبَبِيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَنَحْوِهِ. أَمَّا إذَا اُسْتُعْمِلَ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ كَلَفْظِ الصَّاعِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيمَا يَحِلُّهُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ لِلْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسْتَعْمَلَةً فِي الْمَعَانِي الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْمَجَازِيَّةِ.
وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَعُمُّ، حَتَّى إذَا أُرِيدَ الْمَطْعُومُ اتِّفَاقًا لَا يَثْبُتُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ، لِأَنَّ الْمَجَازَ ضَرُورِيٌّ، وَالضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِإِيرَادِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ، فَلَا يَثْبُتُ الْكُلُّ كَالْمُقْتَضَى.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ جِهَةِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا لِتَأْدِيَةِ الْمَعْنَى سِوَاهُ فَمَمْنُوعٌ، لِجَوَازِ أَنْ يَعْدِلَ إلَى الْمَجَازِ لِأَغْرَاضٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ وَالسَّامِعِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ ضَرُورَةً، لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْغَاءُ الْكَلَامِ، فَلَا نُسَلِّمُ.
قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ عُمُومِ الْمَجَازِ مِمَّا لَمْ نَجِدْهُ مَنْقُولًا فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فِي قَوْلِنَا: جَاءَنِي الْأُسُودُ الرُّمَاةُ إلَّا زَيْدًا، وَتَخْصِيصُهُمْ الصَّاعَ بِالْمَطْعُومِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمْ: إنَّ الْعِلَّةَ الطَّعْمُ، لَا عَلَى عَدَمِ عُمُومِ الْمَجَازِ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ ": لَا يَصِحُّ دُخُولُ الْمَجَازِ فِي الِاسْمِ الْعَامِّ، كَقَوْلِنَا: مَعْلُومٌ وَمَذْكُورٌ، وَمُخْبَرٌ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute