خَصَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ دَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ اعْتَقَدَ عُمُومَهُ، وَعَمِلَ بِمُوجَبِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَحَكَى الْقَفَّالُ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: ١٥] هَلْ تَقُولُ إنَّ مَنْ سَمِعَ هَذَا يَأْكُلُ جَمِيعَ مَا يَجِدُهُ مِنْ رِزْقِهِ؟ فَقَالَ: أَقُولُ إنَّهُ يَبْلَعُ الدُّنْيَا بَلْعًا.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَزَعَمَ الصَّيْرَفِيُّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، لِقَوْلِهِ فِي " الرِّسَالَةِ ": وَالْكَلَامُ إذَا كَانَ عَامًّا ظَاهِرًا كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ، حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ قَالَ: وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنْ يَتَطَلَّبُوا دَلِيلًا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْحَتْمِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَجِبُ طَلَبُ دَلِيلٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مُوجِبِ اللَّفْظِ. قُلْت: وَمِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يُؤْخَذُ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَهُوَ غَرِيبٌ. وَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ جَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، مِنْهُمْ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ فِي " الْأُصُولِ "، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " شَرْحِ الْكِفَايَةِ "، وَصَاحِبُهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " شَرْحِ اللُّمَعِ "؛ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ "، وَنَصَرُوا قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ. وَمِمَّنْ حَكَاهُ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُو النَّصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي كِتَابِهِ، وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَالْإِمَامُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute