أَرْبَعَةٌ، وَإِنَّمَا حَمَلَ الشَّافِعِيُّ الطَّائِفَةَ عَلَى الْوَاحِدِ فِي قَوْلِهِ {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: ١٢٢] بِالْقَرِينَةِ، وَهِيَ حُصُولُ الْإِنْذَارِ بِالْوَاحِدِ كَمَا حَمَلَهُ فِي الْأُولَى عَلَى الثَّلَاثَةِ بِقَرِينَةٍ وَهِيَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ: جَاءَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَقَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ كَالْقِطْعَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ طَائِفَةٌ مِنْ هَذَا، أَيْ قِطْعَةٌ مِنْهُ قَالَ: وَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى أَنَّ الطَّائِفَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الْقِطْعَةِ مِنْ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ: هَذِهِ طَائِفَةٌ مِنْ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا إذَا أُطْلِقَ اسْمُهَا عَلَى جِنْسٍ كَالنَّاسِ وَالْحَيَوَانِ وَالْفِيلِ، فَالْمَقْصُودُ بِهَا الْجَمَاعَةُ، كَمَا يُقَالُ: " كَانَ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ " أَيْ جَمَاعَةٌ، وَالْجَمَاعَةُ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ. هَذَا كَلَامُهُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي دَلَالَةِ بَعْضِ أَفْرَادِ هَذَا النَّوْعِ كَالْقَوْمِ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: يَعُمُّ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَالصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِالذُّكُورِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحجرات: ١١] وَكَذَلِكَ الرَّهْطُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ اسْمٌ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ لَا يَكُونُ فِيهِمْ امْرَأَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرَّهْطُ جَمْعٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَكَذَلِكَ النَّفَرُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي عَدِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ نَظَرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute