وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ ": " إنَّهُ الْمَذْهَبُ "، وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْقَائِلِينَ بِالصِّيَغِ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ، وَكَافَّةِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ، وَنَسَبَهُ لِأَصْحَابِهِ الْحَنَفِيَّةِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ الْبَاجِيُّ: " إنَّهُ الصَّحِيحُ "، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَالْجُبَّائِيُّ، وَنَصَرَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَصَحَّحَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ عَنْ الْمُبَرِّدِ وَالْفُقَهَاءِ.
قُلْت: وَنَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَوْلُك شَرِبْت مَاءَ الْبَحْرِ مَحْكُومٌ بِفَسَادِهِ، لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَلَوْلَا اقْتِضَاؤُهُ الْعُمُومَ لَمَا جَاءَ الْفَسَادُ.
لَكِنْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْعُمُومَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهَيْنِ، حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ "، وَصَحَّحَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: ٣٨] فُهِمَ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ أَجْلِ السَّرِقَةِ.
وَصَحَّحَ سُلَيْمٌ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ اللَّامَ إمَّا لِلْعَهْدِ وَهُوَ مَفْقُودٌ، فَبَقِيَ أَنْ يَكُونَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّفْظِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِإِفَادَتِهِ الْعُمُومَ أَنْ يَصْلُحَ أَنْ يَخْلُفَ اللَّامَ فِيهِ " كُلُّ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ٢] وَلِهَذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُفِيدُ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ إلَّا بِدَلِيلٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute