للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُقُوعِهَا، كَمَا إذَا سُئِلَ عَمَّنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، فَيَقُولُ: فِيهِ كَذَا، فَهَذَا يَقْتَضِي اسْتِرْسَالَ الْحُكْمِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا عَلَى الْإِبْهَامِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ الْجَوَابَ، كَانَ عُمُومُهُ مُسْتَرْسِلًا عَلَى كُلِّ أَحْوَالِهِ.

رَابِعُهَا: أَنْ تَكُونَ الْوَاقِعَةُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا حَاصِلَةً فِي الْوُجُودِ، وَيُطْلَقُ السُّؤَالُ عَنْهَا فَيُجِيبُ أَيْضًا كَذَلِكَ، فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ إلَى الْقَيْدِ الْوُجُودِيِّ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَالِالْتِفَاتُ إلَى الْإِطْلَاقِ فِي السُّؤَالِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَ الْأَحْوَالِ فِي غَرَضِ الْمُجِيبِ، فَالْتَفَتَ الشَّافِعِيُّ إلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى مَقْصُودِ الْإِرْشَادِ وَإِزَالَةِ الْإِشْكَالِ وَحُصُولِ تَمَامِ الْبَيَانِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ خُصُوصِ الْوَاقِعَةِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي الْوُجُودِ إلَّا خَاصَّةً، فَقَالَ: احْتِمَالُ عِلْمِ الشَّارِعِ بِهَا يَمْنَعُ التَّعْمِيمَ. تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مَقْصُورَةٌ بِمَا إذْ وُجِدَ اللَّفْظُ جَوَابًا عَنْ السُّؤَالِ، فَأَمَّا التَّقْرِيرُ عِنْدَ السُّؤَالِ فَهَلْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ حَتَّى يَعُمَّ أَحْوَالَ السُّؤَالِ فِي الْجَوَابِ وَغَيْرِهِ؟ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْأَقْرَبُ تَنْزِيلُهُ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ، وَلِإِقَامَةِ الْإِقْرَارِ مَقَامَ الْحُكْمِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، إذْ لَا يَجُوزُ تَقْرِيرُهُ لِغَيْرِهِ عَلَى أَمْرٍ بَاطِلٍ، فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْقَوْلِ الْمُبِينِ لِلْحُكْمِ، فَيَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الْعُمُومِ، فَإِنْ قِيلَ: التَّقْرِيرُ لَيْسَتْ دَلَالَتُهُ لَفْظِيَّةً، وَالْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ، وَلِهَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا عُمُومَ لِلْمَفْهُومِ، لِأَنَّ دَلَالَتَهُ لَيْسَتْ لَفْظِيَّةً.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَنَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ بِمَعْنَى شُمُولِ الْحُكْمِ لِلْأَحْوَالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>