للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْجِدًا، وَعَلَّقَ عَلَى تُرْبَتِهَا كَوْنَهُ طَهُورًا، فَدَلَّ عَلَى قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالطَّهُورِيَّةِ، خِلَافُ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ وَطَهُورٌ.

وَمِنْهُ احْتِجَاجُ أَصْحَابِنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] إلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فَأَوْجَبَ السُّكْنَى مُطْلَقًا وَالنَّفَقَةَ بِشَرْطِ الْحَمْلِ، فَدَلَّ عَلَى قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ الْحَائِلَ لَا نَفَقَةَ لَهَا.

وَمَثَّلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا الْقِسْمَ بِقَوْلِ السَّائِلِ: «هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ، فَقَالَ: اعْتِقْ رَقَبَةً» ، فَأَجَابَ بِمَا يَلْزَمُهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ الْمَوْطُوءَةِ، قَالَ: فَمَنْ أَسْقَطَ السَّبَبَ، وَاعْتَبَرَ اللَّفْظَ جَعَلَهُ ظَاهِرًا فِيهَا، وَطَلَبَ دَلَالَةً فِي حُكْمِهَا. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ أَعَمَّ مِنْ السُّؤَالِ، فَيَتَنَاوَلُ مَا سُئِلَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ قِسْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْهُ فِي حُكْمٍ آخَرَ غَيْرِ مَا سُئِلَ عَنْهُ، كَسُؤَالِهِمْ عَنْ التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ الْبَحْرِ، وَجَوَابُهُ بِقَوْلِهِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّائِلِ، وَلَا بِمَحَلِّ السُّؤَالِ مِنْ ضَرُورَتِهِمْ إلَى الْمَاءِ وَعَطَشِهِمْ، بَلْ يَعُمُّ حَالَ الضَّرُورَةِ وَالِاخْتِيَارِ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ فُورَكٍ وَصَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " وَالْمَحْصُولِ "، لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ بَرْهَانٍ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ الْآتِي فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَجَعَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ قِسْمِ الْمُسَاوِي، وَفِيهِ نَظَرٌ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ الَّذِي سَأَلَ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>