فَكَانَ هَذَا لِلْمُطَلَّقَاتِ، ثُمَّ قَالَ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وَهُوَ عَامٌّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ.
وَذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ النَّحْوِيُّ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] كَانَ أَوَّلُهُ خَاصًّا بِالْأَوْلَادِ، وَآخِرُهُ يَشْمَلُ الْأَوْلَادَ وَالْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ إذَا وَرِثُوا، فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَلَوْ قِيلَ: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْأَوْلَادِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ: مِنْهُمْ دَلَّ عَلَى إرَادَةِ الْعُمُومِ. قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الْعَكْسِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» . تَنْبِيهٌ
إذَا تَقَدَّمَ الْمَعْنَى الْمُخَصَّصُ، وَتَأَخَّرَ اللَّفْظُ الْعَامُّ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا التَّخْصِيصُ، وَلِهَذَا خَصُّوا قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» بِالْوَصِيَّةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَقَالُوا: إذَا أَوْصَى بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ، يَصِحُّ. فَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْعُمُومَ، لِأَجْلِ سَبْقِ الْعِلَّةِ الْمُخَصِّصَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute