للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَعِبَارَةُ أَبِي الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": الْأَوْلَى الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الْعُمُومِ، وَإِيجَابُ أَنْ يُرَادَ بِهَا كَثْرَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا، إلَّا أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْوَاحِدِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَالْإِبَانَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الْكَثِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا. انْتَهَى.

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: مَا نَسَبَهُ الْآمِدِيُّ إلَى الْجُمْهُورِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، نَعَمْ اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيَّ. وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْكَثِيرُ. فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا بُدَّ أَنْ يُعْرَفَ مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ الْعَامِّ قَبْلَ التَّخْصِيصِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْصُورٍ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": لَمْ يَحُدُّوا الْكَثْرَةَ هُنَا، بَلْ قَالُوا: تُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ، وَأَغْرَبَ بَعْضُهُمْ، فَادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ هُنَا الْكَثِيرَ عَدَدًا؛ بَلْ الْكَثِيرَ وُقُوعًا، وَالْغَالِبَ وُجُودًا بِحَيْثُ يَقْرُبُ أَنَّهُ مِمَّا خَطَرَ بِالْبَالِ عِنْدَ ذِكْرِ اعْتِبَارِ لَفْظِ الْعَامِّ.

وَقَالَ آخَرُونَ: شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مُعْظَمَ الْأَمْرِ إمَّا فِي الْكَثِيرِ وَإِمَّا فِي الِاعْتِبَارِ، أَمَّا فِي الْكَثْرَةِ فَكَمَا إذَا قُلْت: كُلُّ إنْسَانٍ مُصَابٌ، وَكُلُّ مُحْسِنٍ مَشْكُورٌ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي النَّاسِ مَنْ لَمْ يُصَبْ بِمُصِيبَةٍ إلَّا أَنَّهُ يُحَدِّثُ قَائِلَ ذَلِكَ، وَيَحْسُنُ أَنْ لَا يُقْدَحَ فِي كَلَامِهِ. وَأَمَّا فِي الِاعْتِبَارِ فَكَمَا إذَا قُلْت: خَرَجَ النَّاسُ كُلُّهُمْ لِلِقَاءِ الْمَلِكِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَهُ اعْتِبَارٌ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ لَمْ يَخْرُجُوا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَامَّ إنْ كَانَ ظَاهِرًا مُفْرَدًا " كَمَنْ " وَ " الْأَلِفُ وَاللَّامُ " نَحْوُ: اُقْتُلْ مَنْ فِي الدَّار، وَاقْفَعْ السَّارِقَ، جَازَ التَّخْصِيصُ إلَى أَهْلِ الْمَرَاتِبِ: وَهُوَ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الِاسْمَ يَصْلُحُ لَهُمَا جَمِيعًا. وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَالْمُسْلِمِينَ. جَازَ إلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ، وَذَلِكَ إمَّا ثَلَاثَةٌ أَوْ اثْنَانِ عَلَى الْخِلَافِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>