وَالثَّالِثُ: إنَّهُ إنْ خُصَّ بِمُتَّصِلٍ لَفْظِيٍّ كَالِاسْتِثْنَاءِ فَحَقِيقَةٌ، أَوْ بِمُنْفَصِلٍ فَمَجَازٌ. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، زَادَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، قَالَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْقَاضِي، وَنَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي " اللُّمَعِ " أَيْضًا قُلْت: هُوَ الَّذِي صَرَّحَ فِي " التَّقْرِيبِ " فَقَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَرَّرَنَا الْقَوْلَ بِالْعُمُومِ، فَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ أَنْ نَقُولَ: إذَا قُدِّرَ التَّخْصِيصُ بِاسْتِثْنَاءٍ مُتَّصِلٍ فَاللَّفْظُ حَقِيقَةٌ فِي بَقِيَّةِ الْمُسَمَّيَاتِ، وَإِنْ قُدِّرَ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ فَاللَّفْظُ مَجَازٌ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي بَقِيَّةِ الْمُسَمَّيَاتِ، وَقَالَ: كُنَّا قَدْ نَصَرْنَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ مُطْلَقًا انْتَهَى
قَالَ الْمُقْتَرِحُ: ذَهَبَ الْقَاضِي فِي أَحَدِ مُصَنَّفَاتِهِ إلَى أَنَّهُ مَجَازٌ مُطْلَقًا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْصِيصِ الْمُقَارَنِ وَالْمُنْفَصِلِ، فَقَالَ: إنَّ التَّخْصِيصَ الْمُقَارَنَ لَا يُصَيِّرُ اللَّفْظَ مَجَازًا، بَلْ هُوَ بَاقٍ حَقِيقَةً، وَنَرَى أَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ، وَالتَّخْصِيصُ الْمُتَأَخِّرُ نَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ يَبْقَى مَجَازًا فِي الْبَقِيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَا أَرَادَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ إلَّا فِي الِاقْتِصَارِ، وَفِيمَا عَدَا الْمُبْقَى، أَمَّا فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ وَضْعًا فَهُوَ حَقِيقَةٌ، وَالْقَاضِي إنَّمَا قَالَ: هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى رَأْيِ الْمُعَمِّمِينَ، لِأَنَّ مَذْهَبَهُ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ الْوَقْفُ.
وَالرَّابِعُ: عَكْسُهُ، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ.
وَالْخَامِسُ: إنْ خُصَّ بِدَلِيلٍ لَفْظِيٍّ لَمْ يَصِرْ مَجَازًا، مُتَّصِلًا كَانَ الدَّلِيلُ أَوْ مُنْفَصِلًا، وَإِنْ خُصَّ بِدَلِيلٍ غَيْرِ لَفْظِيٍّ كَانَ مَجَازًا، كَذَا حَكَاهُ الْآمِدِيُّ.
وَالسَّادِسُ: إنْ خُصَّ بِالشَّرْطِ وَالتَّقَيُّدِ بِالصِّفَةِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مَجَازُ مَعْنًى فِي الِاسْتِثْنَاءِ، حَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute