لَك بَيْتًا، وَلَا آكُلُ لَك طَعَامًا، وَلَا أَخْرُجُ مَعَك سَفَرًا، وَإِنَّك لَغَيْرُ حَمِيدٍ عِنْدِي، وَلَا أَكْسُوك إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاقِعًا عَلَى مَا بَعْدَ غَيْرُ حَمِيدٍ عِنْدِي، أَمْ عَلَى الْكَلَامِ كُلِّهِ؟ قَالَ: بَلْ عَلَى الْكَلَامِ كُلِّهِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: إنَّهُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. إنَّهُ الْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: وَمَا وَجَدْت مِنْ كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ " الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ " إذَا تَابَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَدَّهُ إلَى الْفِسْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ بِعُمُومِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمِيعِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: نَسَبَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ لِمَالِكٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذَاهِبِ أَصْحَابِهِ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: قَالَ الْقَاضِي: لَوْ قُلْنَا بِالْعُمُومِ فَأَوْضَحُ الْمَذَاهِبِ صَرْفُهُ إلَى الْجَمِيعِ، وَهَذَا الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى كُلِّهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْأَخِيرَةِ خَاصَّةً، إلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى التَّعْمِيمِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute