صَدَقَةٌ، وَقَصْدُ الشَّرْطِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ. وَصَرَّحَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ بِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَ لِلْعُمُومِ شَرْطٌ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُتَأَخِّرٌ اقْتَضَى تَخْصِيصَ الْمَشْرُوطِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السُّهَيْلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ أَدَبِ الْجَدَلِ ": مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ عَوْدُ الشَّرْطِ إلَى الْجَمِيعِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ الْجُمَلَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ رَجَعَ إلَى جَمِيعِ مَا يُذْكَرُ عَقِبَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ رَجَعَ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ أَوْ إلَى أَبْعَدِ مَذْكُورٍ. انْتَهَى. وَهَذَا التَّفْصِيلُ غَرِيبٌ.
وَجَعَلَ شَارِحُ اللُّمَعِ " الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ أَوْ الْبَعْضِ، " فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى الْجَمِيعِ تَعَيَّنَ قَطْعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ} [المائدة: ٨٩] الْآيَةَ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى جُمْلَةٍ مِنْهَا رَجَعَ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى الطَّلَاقِ لَا إلَى الزِّنَا، لِأَنَّهُ صِفَةٌ، فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ.
[إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ مَنْطُوقًا بِهِ فَهَلْ يَعُودُ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ]
الثَّانِي: هَذَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مَنْطُوقًا بِهِ، فَلَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ؛ وَلَكِنْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ فِي بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ، فَهَلْ يَكُونُ كَالْمَنْطُوقِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَرِيبَةٌ لَمْ أَرَهَا إلَّا فِي تَعْلِيقِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِي بَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ. إنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute