وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ دَاوُد أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، لَا يَنْبَنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: مَنَعَ قَوْمٌ تَخْصِيصَ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ مُبَيِّنًا، فَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى بَيَانٍ لَمْ يَكُنْ لِلرَّدِّ إلَيْهِ مَعْنًى.
الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، قَوْلًا وَاحِدًا بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا، لَكِنْ حَكَى بَعْضُهُمْ فِي الْفِعْلِيَّةِ خِلَافًا. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، إلَّا مَا يَحْكِي دَاوُد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ، لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ يُوجِبُ الْعِلْمَ كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ يُوجِبُهُ.
وَأَلْحَقَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ بِالْمُتَوَاتِرِ الْأَخْبَارَ الَّتِي يُقْطَعُ بِصِحَّتِهَا. كَتَخْصِيصِ آيَةِ الْمَوَارِيثِ بِحَدِيثِ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَهُوَ مِثَالٌ لِلْقَوْلِيَّةِ. وَمَثَّلُوا لِلْفِعْلِيَّةِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] مَخْصُوصٌ بِمَا تَوَاتَرَ عِنْدَهُمْ مِنْ رَجْمِ الْمُحْصَنِ تَنْبِيهٌ
كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ " يَقْتَضِي أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَخُصُّ الْقُرْآنَ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ احْتِمَالُ التَّخْصِيصِ، فَإِنْ قَالَ فِيهَا: وَيُقَالُ خَاصٌّ حَتَّى تَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute