مُسْتَدْبِرًا لِلْكَعْبَةِ» ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ، لِأَنَّهُ كَانَ بَيَانًا لِلْحُكْمِ وَالنَّهْيِ. وَالنَّهْيُ مُطْلَقًا، وَيُحْمَلُ أَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِهِ.
وَفَصَّلَ الْآمِدِيُّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَامُّ شَامِلًا لَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: تَرْكُ الْوِصَالِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ثُمَّ رَأَيْنَاهُ قَدْ وَاصَلَ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فِي حَقِّهِ، وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لَهُ؛ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: التَّأَسِّي بِهِ وَاجِبٌ ارْتَفَعَ الْعُمُومُ، وَصَارَ نَسْخًا؛ وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَقِيَ الْعُمُومُ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا لِلْأُمَّةِ دُونَهُ فَفِعْلُهُ لَا يَكُونُ تَخْصِيصًا؛ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيهِ وَإِنْ قِيلَ أَيْضًا بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ عَلَى الْأُمَّةِ كَانَ نَسْخًا فِي حَقِّ الْأَمَةِ لَا تَخْصِيصًا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا [هُوَ] التَّفْصِيلُ وَلَا أَرَى لِلْخِلَافِ فِي التَّخْصِيصِ بِفِعْلِهِ وَجْهًا. قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ تَخْصِيصَهُ وَحْدَهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافٌ، أَوْ تَخْصِيصَ غَيْرِهِ فَلَا تَخْصِيصَ؛ بَلْ نَسْخٌ، مَعَ أَنَّهُمْ فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِي التَّخْصِيصِ.
ثُمَّ قَالَ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ التَّأَسِّي عَامٌّ، فَلَيْسَ مُرَاعَاةُ أَحَدِ الْعُمُومَيْنِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْآخَرِ، وَذَكَرَ الْهِنْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ " هَذَا التَّفْصِيلَ وَحَكَى فِيمَا إذَا كَانَ عَامًّا لِلْأُمَّةِ دُونَهُ، فَالْفِعْلُ لَا يَكُونُ مُخَصِّصًا لَهُ، لِعَدَمِ دُخُولِهِ. وَهَلْ يَكُونُ تَخْصِيصًا أَوْ نَسْخًا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ، فِيهِ التَّفْصِيلُ.
وَقَدْ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الصَّحَابَةَ خَصَّتْ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ بِفِعْلِهِ فِي رَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute