وَالثَّامِنُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ كَالْمُشْتَرَكِ. قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: وَالْأَسْمَاءُ الْمُتَوَاطِئَةُ جَازَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ، لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ تَأْخِيرِهِ. وَأَمَّا مَا لَهُ ظَاهِرٌ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ ظَاهِرِهِ كَالْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ وَالْمَنْسُوخِ وَنَحْوِهِ جَازَ تَأْخِيرُ بَيَانِ التَّفْصِيلِ دُونَ الْإِجْمَالِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْخِطَابِ، حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْخَطَأِ، فَنَقُولُ مَثَلًا: الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْعَامِّ هُوَ الْخَاصُّ أَوْ الْمُطْلَقُ أَوْ الْمُقَيَّدُ أَوْ النَّكِرَةُ الْمُعَيِّنُ، أَوْ هَذَا الْحُكْمُ سَيُنْسَخُ، وَأَمَّا الْبَيَانُ التَّفْصِيلِيُّ، وَهُوَ الْمُشَخَّصُ بِكَذَا مَثَلًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ. وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَأَتْبَاعُهُ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ، وَالدَّقَّاقِ، وَالْقَفَّالِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ؛ فَأَمَّا أَبُو الْحُسَيْنِ فَالنَّقْلُ عَنْهُ صَحِيحٌ: وَأَمَّا الدَّقَّاقُ فَسَبَقَ النَّقْلُ عَنْهُ بِمُوَافَقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ. وَأَمَّا الْقَفَّالُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الشَّاشِيُّ، وَقَدْ سَبَقَ النَّقْلُ عَنْهُ بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ رَأَيْت فِي كِتَابِهِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ. قَالَ مَا لَفْظُهُ: الْبَيَانُ لِلْعَامِّ، وَالْمُجْمَلُ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ، وَأَنْ يُقَارِنَهُ، وَأَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْ الْأُمُورِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمُرَادِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَقَعُ التَّعَبُّدُ بِهِ. اهـ. وَأَمَّا أَبُو إِسْحَاقَ. فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَرْوَزِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فَقَدْ سَبَقَ النَّقْلُ عَنْهُ بِمُوَافَقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى الْمَنْعِ، لَكِنْ حَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْهُ الْمَذْهَبَ الثَّالِثَ. وَقَالَ الْهِنْدِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الشِّيرَازِيَّ فَقَدْ صَحَّحَ فِي " شَرْحِ اللُّمَعِ " الْجَوَازَ مُطْلَقًا.
وَالتَّاسِعُ: وَحَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ بَيَانَ الْمُجْمَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَبْدِيلًا وَلَا تَغْيِيرًا جَازَ مُقَارَنًا وَطَارِئًا، وَإِنْ كَانَ بَيَانَ تَغْيِيرٍ جَازَ مُقَارَنًا، وَلَا يَجُوزُ طَارِئًا بِحَالٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ بَيَانَ الِاسْتِثْنَاءِ بَيَانُ تَغْيِيرٍ. قَالَ: وَالْخِلَافُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ فِي بَيَانِ الْخُصُوصِ، فَعِنْدَنَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute