وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَحْوَى وَلَحْنِ الْخِطَابِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَحْوَى مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَاللَّحْنُ مَا لَاحَ فِي أَثْنَاءِ اللَّفْظِ. وَالثَّانِي: الْفَحْوَى مَا دَلَّ عَلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ مَا دَلَّ عَلَى مِثْلِهِ. اهـ. وَذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ " أَنَّ فَحْوَى الْخِطَابِ: مَا دَلَّ الْمُظْهَرُ عَلَى الْمُسْقَطِ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ: مَا يَكُونُ مُحَالًا عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ فِي الْأَصْلِ وَالْوَضْعِ مِنْ الْمَلْفُوظِ، وَالْمَفْهُومُ: مَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُظْهَرَ وَالْمُسْقَطَ كَقَوْلِهِ: (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ) ، فَالْمُرَادُ بِهِ إثْبَاتُ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَإِسْقَاطُهَا فِي غَيْرِهَا. وَمِثْلُ فَحْوَى الْخِطَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] . وَقَوْلُهُ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} [الشعراء: ٦٣] . أَيْ فَضُرِبَ فَانْفَلَقَ، لِأَنَّ الْفَحْوَى هُوَ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ بِهِ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الْمُظْهَرِ عَلَى الْمُضْمَرِ الْمَحْذُوفِ. قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِي يُجَوِّزُ الْوَقْفَ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء: ٦٣] ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ: {فَانْفَلَقَ} فَقُلْت لَهُ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: {أَنْ اضْرِبْ} وَقَوْلَهُ: {فَانْفَلَقَ} بِمَجْمُوعِهِمَا يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْقَطِ، فَلَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَأَمَّا لَحْنُ الْقَوْلِ فَهُوَ غَيْرُ هَذَا، وَيُسَمَّى بِهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُذْكَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute