عَنْ اخْتِيَارِ الْمُزَنِيّ وَالْإِصْطَخْرِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَابْنِ خَيْرَانَ. قَالَ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُد، وَأَبُو ثَوْرٍ. قُلْت: وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَنَقَلَهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَعْقُولٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ لَهُ وَصْفَانِ، فَوُصِفَ أَحَدُهُمَا بِصِفَةٍ أَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تِلْكَ الصِّفَةُ بِخِلَافِهِ. اهـ.
وَكَذَا حَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ إنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، ثُمَّ حَكَى فِي الْقَوْلِ بِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا. قَالَ الْقَاضِي: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَيْخِنَا أَبِي الْحَسَنِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي إثْبَاتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ: قَالَ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] مَفْهُومُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْفَاسِقِ لَا نَتَبَيَّنُهُ، وَتَمَسَّكَ أَيْضًا فِي إثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ بِ {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥] . قَالَ: مَفْهُومُهُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الرُّؤْيَةِ لِأَهْلِ الْجِنَانِ، وَهَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ".
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ ": قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْفَرَجِ فِي " اللُّمَعِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ. اهـ. وَبِهَذَا يُرَدُّ نَقْلُ صَاحِبِ " الْمَعَالِمِ " عَنْ مَالِكٍ مُوَافَقَةً أَبِي حَنِيفَةَ. قَالَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ: وَلَعَلَّهُمَا يُنْقَلَانِ عَنْهُ بِالتَّخْرِيجِ فِي مَسَائِلَ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاَللَّهِ دَخَلَ النَّارَ» وَقُلْت أَنَا: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. اهـ. وَهَذَا مُصَيَّرٌ مِنْهُ إلَى الْقَوْلِ بِالْمَفْهُومِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَطَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute