وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا أَعْنِي اللُّغَوِيَّ لَا الشَّرْعِيَّ وَالْعَقْلِيَّ، نَحْوُ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦] فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِوُجُودِهِ إجْمَاعًا، وَيَنْتَفِي بِعَدَمِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ الْمَفْهُومُ. قَالُوا: وَهُوَ أَقْوَى الْمَفَاهِيمِ.
وَأَمَّا الْمُنْكِرُونَ لَهُ فَاخْتَلَفُوا، فَذَهَبَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَالْكَرْخِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ إلَى لُزُومِ الْقَوْلِ [بِهِ] ، وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ مُعْظَمِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ السُّهَيْلِيُّ فِي " أَدَبِ الْجَدَلِ " عَنْ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ - كَمَا نَقَلَهُ فِي " الْمَحْصُولِ " - إلَى الْمَنْعِ، وَقَالُوا: لَا يَنْتَفِي بِعَدَمِهِ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّعْلِيقِ، وَرَجَّحَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيِّ وَالْآمِدِيَّ.
وَقَدْ احْتَجَّ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ مِنْ تَعْلِيقِهِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ بِحَدِيثِ. يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لِمَاذَا نَقْصُرُ، وَقَدْ أَمِنَّا. وَقَالَ تَعَالَى: {إنْ خِفْتُمْ} ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَعَجَّبْت مِمَّا تَعَجَّبْت مِنْهُ، فَسَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» . قَالَ: وَهُمَا مِنْ صَمِيمِ الْعَرَبِ، وَأَرْبَابِ اللِّسَانِ، وَعَرَفَا مِنْ الْآيَةِ أَنَّ الْمَفْهُومَ يَعْنِي الشَّرْطِيَّ حُجَّةً. وَإِنَّمَا تَرَكَاهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute