للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّهَا عَلَى الْحَظْرِ، وَبِهِ قَالَ مُعْتَزِلَةُ بَغْدَادَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّهُ الْحَقُّ. وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبَانَ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: وَمِمَّنْ حَكَاهُ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ. وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ: إلَّا أَنَّهُمْ خَصُّوا التَّنَفُّسَ بِالْهَوَاءِ وَالِانْتِقَالِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان فَقَالُوا: هُوَ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَحُكِيَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَفُهِمَ مِنْ مَذْهَبِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ "، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الطِّفْلِ هَلْ هُوَ حَلَالٌ؟ فَقَالَ: لَا: إنَّ اللَّهَ لَمْ يُحِلَّهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ ": اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْحَظْرِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كُلُّ مَا لَا يَقُومُ الْبَدَنُ إلَّا بِهِ وَلَا يَتِمُّ الْعَيْشُ إلَّا مَعَهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَمَا عَدَاهُ عَلَى الْحَظْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْكُلِّ فِي الْحَظْرِ. انْتَهَى.

وَهُوَ كَمَا قَالَ مِنْ وُجُودِ الْخِلَافِ. فَقَدْ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ ": كَانَ أَوَائِلُ الْقَدَرِيَّةِ يُطْلَقُ أَنَّ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهَا عَلَى الْحَظْرِ، وَالْبَصْرِيِّينَ عَلَى الْإِبَاحَةِ. وَفَصَّلَهُ أَبُو هَاشِمٍ، وَكَانَ مُوَفَّقًا فِي تَحْقِيقِ الْمَذَاهِبِ، فَقَالَ: الْأَشْيَاءُ قَبْلَ الشَّرْعِ عِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ كَالْكَعْبِيِّ وَأَتْبَاعِهِ عَلَى الْحَظْرِ، فِي مَا عَدَا مَا لِلْإِنْسَانِ مِنْهُ فِكَاكٌ وَلَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ، فَأَمَّا مَا يَكُونُ مُضْطَرًّا كَالتَّنَفُّسِ وَالْكَوْنِ فَلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>