التَّقْرِيبِ "، وَابْنِ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ "، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ "، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِمْ كَابْنِ بَرْهَانٍ، وَالْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا بِالنَّسْخِ، لِأَنَّ أَصْحَابَنَا لَا يَقُولُونَ: إنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ يُنْسَخُ بِارْتِفَاعِ حُكْمِ الْأَصْلِ، بَلْ يَزُولُ لِزَوَالِ كَوْنِ الْعِلَّةِ مُعْتَبَرَةً، وَالْحُكْمُ إذَا زَالَ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ، لَا يُقَالُ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ. قَالُوا: لَوْ كَانَ نَسْخُ الْأَصْلِ نَسْخَ الْفَرْعِ لَكَانَ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَصْلِ إذَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ لِلْفَرْعِ، وَأُجِيبَ بِمَنْعِهِ، إذْ لَا جَامِعَ وَهُوَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ، بَلْ هُوَ لِزَوَالِ حُكْمِ الْأَصْلِ إذْ الْعِلَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ. قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ فِي زَوَالِ الْحُكْمِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَسْخٌ حَقِيقَةً، إذْ زَوَالُ الْحُكْمِ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ لَيْسَ نَسْخًا بِالِاتِّفَاقِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ "، وَغَيْرُهُمْ: قَدْ بَنَتْ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِمْ فَرَعَيْنَ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِالنَّبِيذِ الْمُسْكِرِ النِّيءِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا. وَقَدْ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّيءِ، وَأَلْحَقُوا بِهِ الْمَطْبُوخَ قِيَاسًا، ثُمَّ نُسِخَ التَّوَضُّؤُ بِالنِّيءِ، وَبَقِيَ التَّوَضُّؤُ بِالْمَطْبُوخِ.
وَالثَّانِي: ادَّعَوْا أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ يَجِبُ صَوْمُهُ، وَيَجُوزُ إيقَاعُ النِّيَّةِ فِيهِ نَهَارًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إلَى أَهْلِ الْعَوَالِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ، فَلِيَصُمْ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إيقَاعُ النِّيَّةِ مِنْ النَّهَارِ، وَأُلْحِقَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute