أَحَدُهَا: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ نَصَّ كِتَابٍ، فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ نَصِّ الْكِتَابِ. وَالثَّانِي: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ جُمْلَةَ كِتَابٍ، فَبَيَّنَ عَنْ اللَّهِ مَا أَرَادَ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ: مَا سَنَّ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ [لَهُ بِمَا] فَرَضَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِنْ تَوْفِيقِهِ لِرِضَاهُ، أَنْ يَسُنَّ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَمْ يَسُنَّ سُنَّةً قَطُّ إلَّا وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ جَاءَتْهُ رِسَالَةُ اللَّهِ فَأَثْبَتَ سُنَّتَهُ بِفَرْضِ اللَّهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أُلْقِيَ فِي رُوعِهِ كَمَا سَنَّ. انْتَهَى.
وَبِالْقَوْلِ الثَّانِي جَزَمَ أَبُو الْحَكَمِ بْنُ بُرْجَانَ، وَبَنَى عَلَيْهِ كِتَابَهُ الْمُسَمَّى " بِالْإِرْشَادِ "، وَبَيَّنَ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ مُفَصَّلًا، وَقَالَ: كُلُّ حَدِيثٍ فَفِي الْقُرْآنِ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ تَعْرِيضًا أَوْ تَصْرِيحًا، وَمَا قَالَ مُنْشِئٌ فَهُوَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِيهِ أَصْلُهُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، فَهِمَهُ مَنْ فَهِمَهُ، وَعَمِهَ عَنْهُ مَنْ عَمِهَ. قَالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] أَلَا يُسْمَعَ إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» . وَقَضَى بِالرَّجْمِ، وَلَيْسَ هُوَ نَصًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَكِنْ تَعْرِيضٌ مُجْمَلٌ فِي قَوْلِهِ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute