الْعُلَمَاءَ أَفْرَدُوا هَذِهِ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ؛ لِعِبَارَاتٍ رَشِيقَةٍ تَخْتَصُّ بِهَا وَمَعَانٍ مُوَفَّقَةٍ نَذْكُرُهَا يَظْهَرُ مِنْهَا سُقُوطُ كَلَامِهِمْ فِيهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ مَا لَا يَقْضِي الْعَقْلُ فِيهَا بِشَيْءٍ لَا يُتَّجَهُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الْأَصْلِ السَّابِقِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَقْضِي الْعَقْلُ هَلْ يَتْبَعُ حُكْمَهُ؟ وَإِنَّمَا الْأَصْحَابُ قَالُوا: هَبْ أَنَّ ذَلِكَ الْأَصْلَ صَحِيحٌ فَلِمَ قَضَيْتُمْ حَيْثُ لَا قَضَاءَ لِلْعَقْلِ؟ وَلَيْسَ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. [التَّنْبِيهُ] الثَّانِي: [فَائِدَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ] قَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَا خَلَا زَمَانٌ مِنْ سَمْعٍ، لَكِنْ لَا يُمْنَعُ الْكَلَامُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ. حَكَاهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ، وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ خُلِقَ فِي جَزِيرَةٍ، وَلَمْ يُبَلَّغْ أَهْلُهَا دَعْوَةَ الْمِلْكِ فَهَلْ يَعْلَمُ أَهْلُهَا إبَاحَةَ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ حَاوَلَ مُحَاوِلٌ تَرْتِيبَ فَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَعْدَمْهَا. فَإِنَّ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْعُقُولِ مِنْ الْإِبَاحَةِ فِي رَأْيٍ أَوْ عَلَى الْحَظْرِ فِي رَأْيٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ خُلُوَّ وَاقِعَةٍ عَنْ حُكْمٍ لِلَّهِ مُتَلَقًّى مِنْ الشَّرْعِ كَالصَّيْرَفِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدَنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute