للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَالْقَاضِي يَقُولُ: مَا أُمِرَ بِمَدْحِ فَاعِلِهِ وَفِيهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ حَسَنٌ وَلَا يُمْدَحُ فَاعِلُهُ، وَاَلَّذِي ارْتَضَيْنَاهُ أَسَدُّ، وَقَدْ سَبَقَ عَنْهُ التَّصْرِيحُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ لَا حَسَنَ وَلَا قَبِيحَ. وَقَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ ": الْقَبِيحُ: مَا نُهِيَ عَنْهُ شَرْعًا، وَالْحَسَنُ: مَا لَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ شَرْعًا، وَيَنْدَرِجُ فِيهِ أَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ، وَأَفْعَالُ السَّاهِي، وَالنَّائِمِ وَالْهَائِمِ. قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْحَسَنُ: مَا كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَكُونَ أَفْعَالُ اللَّهِ حَسَنَةً. وَخَصَّ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ التَّقْسِيمَ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَقَالَ: أَمَّا مَا لَا صِفَةَ زَائِدَةً عَلَى وُجُودِهِ كَبَعْضِ أَفْعَالِ السَّاهِي، وَالنَّائِمِ فَلَا يُوصَفُ بِحَسَنٍ وَلَا قَبِيحٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ، فَإِنْ كَانَ، فَقَدْ قِيلَ: يُوصَفُ بِهِمَا، وَقِيلَ: لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ وَالْقَبِيحَ يَتْبَعُ التَّكْلِيفَ، فَمَنْ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ لَا يُوصَفُ فِعْلُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا. قَالَ: وَهَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يَصْدُرُ مِمَّنْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ. قُلْت: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْإِمَامِ وَالْبَيْضَاوِيِّ لَهُ مِنْ قِسْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>