للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمْثَالِهِمْ، مِمَّنْ وَفَدَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يُقِمْ إلَّا أَيَّامًا قَلَائِلَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِرِوَايَةِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ، فَالْقَوْلُ بِالتَّعْمِيمِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ.

[الْمُرَادُ بِعَدَالَةِ الصَّحَابَةِ] وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَالَتِهِمْ ثُبُوتُ الْعِصْمَةِ لَهُمْ، وَاسْتِحَالَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ قَبُولُ رِوَايَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفِ بَحْثٍ عَنْ أَسْبَابِ الْعَدَالَةِ، وَطَلَبِ التَّزْكِيَةِ، إلَّا مَنْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ ارْتِكَابُ قَادِحٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَنَحْنُ عَلَى اسْتِصْحَابِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مَا يَذْكُرُهُ أَهْلُ السِّيَرِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَمَا صَحَّ فَلَهُ تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ. وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ رِوَايَاتِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، فَقَدْ عَمِلُوا بِرَأْيِهِ فِي الْغُسْلِ ثَلَاثًا مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ وَلَّاهُ عُمَرُ الْوِلَايَاتِ الْجَسِيمَةَ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ إذَا قِيلَ فِي الْإِسْنَادِ: عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَ حُجَّةً، وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ بِهِ؛ لِثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ. وَخَالَفَ ابْنُ مَنْدَهْ، فَقَالَ: مِنْ حُكْمِ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ إذَا رَوَى عَنْهُ تَابِعِيٌّ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا كَالشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، نُسِبَ إلَى الْجَهَالَةِ، فَإِذَا رَوَى عَنْهُ رَجُلَانِ صَارَ مَشْهُورًا، وَاحْتُجَّ بِهِ. قَالَا: وَعَلَى هَذَا بَنَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ صَحِيحَيْهِمَا، إلَّا أَحْرُفًا تَبَيَّنَ أَمْرُهَا، وَيُسَمِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>