مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ طَرِيقَةُ الْأُصُولِيِّينَ. أَمَّا عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، فَيُطْلِقُونَ اسْمَ الصَّحَابَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا، أَوْ كَلِمَةً، وَيَتَوَسَّعُونَ حَتَّى يَعُدُّونَ مَنْ رَآهُ رُؤْيَةً مَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَهَذَا لِشَرَفِ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَوْا كُلَّ مَنْ رَآهُ حُكْمَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي، وَمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي» ، وَالْأَوَّلُ الصَّحَابَةُ، وَالثَّانِي التَّابِعُونَ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: هُوَ مَنْ أَكْثَرَ مُجَالَسَتَهُ، وَاخْتُصَّ بِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ الْوَافِدُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ يُقَال: فُلَانٌ مِنْ الصَّحَابَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَقِيَهُ وَرَوَى عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ صُحْبَتُهُ وَلَمْ يُخْتَصَّ بِهِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ بِتَقْيِيدٍ، وَالْأَوَّلَ بِإِطْلَاقٍ. انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ: لَفْظُ الصَّحَابِيِّ مِنْ الصُّحْبَةِ. فَكُلُّ مَنْ صَحِبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْظَةً يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّحَابِيِّ لَفْظًا، غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ اقْتَرَنَ بِهِ، فَلَا يُطْلَقُ هَذَا اللَّفْظُ إلَّا عَلَى مَنْ صَحِبَهُ مُدَّةً طَالَتْ صُحْبَتُهُ فِيهَا. قَالَ: وَلَا تُضْبَطُ هَذِهِ الْمُدَّةُ بِحَدٍّ مُعَيَّنٍ، وَكَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ.
[هَلْ لِلصُّحْبَةِ مُدَّةٌ مُعَيَّنَةٌ] وَحَكَى شَارِحُ الْبَزْدَوِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ تَحْدِيدَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَشَرَطَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ الْإِقَامَةَ مَعَهُ سَنَةً، أَوْ الْغَزْوَ مَعَهُ، وَضُعِّفَ بِأَنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَوَائِلَ بْنَ حُجْرٌ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ تِسْعٍ وَبَعْدَهُ، فَأَسْلَمَ وَأَقَامَ عِنْدَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْمِهِ، وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ لَا خِلَافَ فِي عَدِّهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute